info@daheshism.com
الدينونة والإرادة الحرَّة

 

6 -الدينونة والإرادة الحرَّة:

تبينت من جوابكم لأحد القراء, في العدد الثالث من مجلة(بروق و رعود) أنكم ترون أن فناء البشر بات قريبا", و ان لم يكن كلامكم في الموضوع صريحا" و اذا راجعنا التاريخ, رأينا ان في كل حقبة من الزمن يظهر أناس من المتشائمين ينادون يأن الفناء قريب, و خاصة عند وقوع الكوارث و الحروب. و ما كان الفناء ليقع. فما جوابكم على ذلك؟

أ: لك ان تعتقد ما شئت , فاعتقادك لن يتغير من سير الأحداث و حقيقة الأشياء. و اعتقاد الناس, في الماضي, ان الطوفان لن يقع ما منع وقوعه. و بين كلام الناس و كلام الروح كما بين الأرض و السماء. و كل شجرة لاتثمر ثمارا" صالحا" تقع و تلقى في النار. و أي ثمر صالح تثمر البشرية اليوم؟ و من لا يرى فرقا" بين حرب سلاحها السيف او بندقية و حرب سلاحها القنابل الذرية و الهيدروجينية لا يرى فرقا" بين لهبة الشمعة و نيران الشمس. و من يثق كثيرا" بحكمة الانسان يكن من العميان. و يوم أمطرت سدوم و عمورة بالكبريت و النار لم يستأذن البشر الأشرار.

 

 

س: تأكد لديّ من بعض أجوبتكم أن فناء البشر بات قريبا" وأنه سيتمّ في حرب ذرّيـة . فأن كان ألآمر حتما" لا مفرّ منه , فذلك يعني أن البشر ليسوا أحرارا" في أعمالهم . أفلا تستطيع الدول أن تدمّر أسلحتها النوويّة كلها , كما أوجدتها , وبذلك تتحاشى الفناء ؟

ب: ان ألأنسان حرّ , وبحرّيته الموجّهة نحو الخير أو الشرّ يصنع مصيره . وللأسف , فان ارادات البشر كانت وما تزال تدفعهم نحو المظالم والمطامع الدنيويّة , فلا يشبع واحدهم وان أتخم , ولا يكف عن الأستزادة وألأذى وان امتلك ألأرض كلها . بارادتهم الحرّة النازعة بهم الى الاغتصاب والعدوان والنافخة فيهم الشرّ والكبرياء أوقدوا الحرب العالميّى ألأولى , ولم تعظهم المآسي والمصائب التي ولدتها , وبارادتهم الحرّة أوقدوا الحرب العالميّة الثانية , ولم تعظهم الفواجع والكوارث الفادحة التي سببتها . فرغم مؤتمرات السلام ونداءات الوئام نراهم يتسابقون في تطوير أسلحة الموت والدمار , فمن قنبلة ذرّية الى قنبلة هيدروجينيّة ... الى قنبلى جهنّمية  . ولا شيء يشير الى أن الحكمة والقناعة والوداعة ستملك على نفوس الناس .

نعم ان البشر أحرار , وبارادتهم يستطيعون ان شاءوا أن يبعدوا شبح الحرب ألأفنائيّة عنهم , ولكن اذا هم استأصلوا من نفوسهم ميول الشرّ ورغبات عدائيّة واذا هم تنازلوا عن مطامعهم وخفضوا غرورهم وكبريائهم , واذا أقفلت مصانع ألأسلحة أبوابها وسرّحت الدول جنودها وضباطها , وأوقف العلماء أبحاثهم في تطوير أسلحة الهلاك , واذا توحّد العالم  في دولة واحدة وتآخى في دين واحد , وحلّ الحب والسلام في كل قلب مكان البغض والخصام . ان فعل البشر بارادتهم الحرّة ذلك فسيغيّرون مجرى تاريخهم ألأسود ويحوّلون عنهم مصيرهم الرهيب الزاحف نحوهم زحفا" حثيثا" . ولكن ان لم يفعلوا ذلك ؟؟..