info@daheshism.com
آلام النبي الحبيب النفسية ، بؤس الإنسان و الحياة وآلامها  السعادة الحقيقية:

 

حياتي البائسة

 

أنَّى لي أن اصف حياتي البائسة!

إني أشبهها بزورقٍ، صغير، جميل،

يتهادى على صفحة البحر السحيق الغور، البعيد القرار!

***

وفجأة يتكاثف الضباب، وتعصف الرياح،

ويشمل الكون الظلام،

فيضطرب البحر، وتصطخب الأمواج، وتتدافع كالأطواد، وتتلاعب بالزورق المسكين، بغير ما رفق أو لين،

مسيرةً إياهُ غلى غير هدى يرتجيه، أو سلام يبتغيه!

***

فتارةً تراهُ فوق متن موجةٍ مشمخرة هادرة، مزمجرة ثائرة،

وطورًا يهبط معها اللجج متقلبًا خائضًا، فلا تتبينه العين، ومن ثم يطفو... ليعود فيغوص في خضم الأغوار السحيفة!

***

وإذا ما دنت ساعة المنية الرهيبة،

لا تلبث مداعبةُ الأمواج ايّاهُ طويلاً،

حتى تلفظه بعنفٍ وقسوة إلى أحد الصخور الصماء العاتية،

فيتحطم من هول الارتطام شر تحطيم!

ومن ثم يفغر البحر الثائر المهتاج فاهُ

ويبتلعه في طياته الآبدة حيث الجحيم!

***

فما أشبه حياتي بذلك الزورق الصغير المسكين،

الذي حكم عليه القضاء،

بالشقاء، والتلاشي، والفناء!...

                                                                القدس، 25 نيسان 1933