info@daheshism.com
السيرة الذاتيَّة للدكتور داهش

٤   -فجر الرسالة الداهشية والقسم العظيم

ما ان ناهز الفتى الخارق العشرين من عمره , حتى أخذ يلتفّ حوله عدد من المثقّفين الفلسطينيين ممّن مالت قلوبهم الى الأمور الروحية , فتتلمذوا له . من بينهم الشاعر الفلسطيني المعروف مطلق عبد الخالق، الذي  وإلى جانب تأليفه مجموعةً شعريةً بعنوان "الرحيل" ، نقل أيضًا إلى صيغة الشعر إحدى الأعمال الأدبية الأولى للدكتور داهش ، "ضجعة الموت". بالإضافة إلى فلسطينيّ مميزٍ آخر ، الوجيه توفيق العسراوي، الذي تأثر كثيرًا بروحانية أفكار الدكتور داهش لدرجة أنه وزع كل ممتلكاته على الفقراء ، ثم قضى بقية حياته كناسك في أحد كهوف البتراء في الأردن.

 

و ذات يوم من سنة ١٩٢٩ , ألهم الفتى العجيب بأنه يجب ان يغير اسمه و يتخذ اسماً روحيّاً  , و بأنه سيعطى الإسم الجديد عن طريق القرعة . فأخبر تلاميذه بذلك ؛ فعمدوا الى كتابة اسماء كثيرة , على قصاصات من الورق , ثم طووها و خلطوها . و اختار "سليم " واحدة منها , فإذا فيها إسم " داهش" . لقد أراد الله أن يعرف رسوله من بعد , بهذا الإسم الروحيّ , وبه تشيع عجائبه بين الشعوب  ,  ليكون داهش الناس. 

 

في عام ١٩٣٠ وبعد ان اّتسعت شهرة داهش , و تناهت أخبار معجزاته الى المحافل العلمية في باريس, أرسلت اليه جمعية المباحث النفسية الفرنسية تستضيفه . فسافر اليها برفقة شقيقته أنطوانيت .

و اذ طُلب اليه ان يُري المجتمعين معجزة من معجزاته , أجابهم أنه سيريهم آية يونان النبيّ .

فطلب أن يوضع في صندوق حديديّ و يحكم إغلاقه , و يدفن في قعر نهر السين , سبعة أيام , تحت الحراسة المشددة .

أجفل المجتمعون , أولاً بخطورة العرض ؛ لكنهم عادوا فقبلوا , عندما كتب لهم إقراراً بأنه هو المسؤول عن عاقبة طلبه .

و بعد أن  فحصته لجنة طبية قاموا بتنفيذ طلبه .

و بعد مضيّ سبعة أيام , و أمام  ١٥٠ شاهداً من المهتمّين بالأمور النفسية , رُفع الصندوق و فُتح . و اذا بالجسمان الساجي يتحرّك , و بالوجه الواجم يبتسم .

بعد معاينة هذه المعجزة المذهلة بالإضافة إلى معجزات أخرى، , مُنح داهش شهادة العلوم النفسية من قبل " الجمعية النفسية الدولية " SOCIETE PSYVHIQUE INTERNATIONALE  بتاريخ ٦ أيار ١٩٣٠ , ثم شهادة الدكتوراه من قبل " معهد ساج " SAGE INSTITUE   الإنكليزي في باريس , بتاريخ ٢٢ أيار ١٩٣٠ .

و هكذا اقترن لقبه العلميّ  بإسمه الروحي , ليعرف بهما بين الناس .

 

في ٢١ كانون ثاني ١٩٣١، سافر إلى القدس ومنها إلى القاهرة، حيث أقام بضعة أشهر. ولما كان صيته قد ذاع بسبب الأعمال الخارقة التي كانت تجري على يديه، فقد كان مقصد الناس يزورونه ليستشيروه في بعض

الشؤون النفسية أو الروحية .وكان في أثناء إقامته بالقاهرة، موضع حفاوة رجالات الدولة البارزين آنذاك. 

 

بدأ الدكتور داهش بتدوين أفكاره و عواطفه من سنة ١٩٢٧ ؛ حتى اذا بلغ  أواسط العام ١٩٣٣ , كان قد أنهى تأليف كتابه الأول "أسرار الآلهة ". و قبل تمام العام نفسه , أنجز تأليف كتابه الثاني " قيثارة الآلهة " , فالثالث رائعته " ضجعة الموت " . وقد صدر كتاب "ضجعة الموت" في عام ١٩٣٦ في مجلّدين ، النسخة النثرية الأصلية التي كتبها الدكتور داهش ، ونسخة شعرية للشاعر المعروف "مطلق عبد الخالق". كما تم تزيينه بلوحات رائعة للرسام الإيطالي "موريللي" الذي رسمها خصيصًا للكتاب ، كما تصوّرها وتخيّلها الدكتور داهش. وأُعتبر الكتاب تحفة فنية وأدبية ، سابقٌ لزمنه من ناحية الفن والإبداع.

 

وفي عام ١٩٣٦ أنهى الدكتور داهش تأليف كتاب "كلمات الدكتور داهش" والذي صدر في طبعته الأولى عام ١٩٣٩.

 

ان المعجزات التي صنعها الدكتور داهش لم تكن غاية  بحد ذاتها , بل وسيلة , و بكلمة اصحّ شهادة على صحة الرسالة الإلهيّة التي كان الدكتور داهش يشعر بإرهاصاتها , و يرتقب بشوق عظيم ان يحققها الله على يديه , منذ حداثته ؛ حتى اذا ما بلغ السابعة والعشرين , سنة ١٩٣٦ , سجّل في كتابه " كلمات " شعوره قائلاً :

" أشعر بأني أحوي في أعماقي قوة روحية خفية هائلة تودّ الإنطلاق , لتقوم بعمل خطير عظيم ؛ و لكني أكبتها الى أجل معلوم . و لن يمضي غير قليل حتى تتفجر ينابيعها , و تجتاح في طريقها كل ما يعترضها من حواجز و عقبات , ثم تبرز للعيان جلية , واضحة , لا لبس فيها و لا غموض ".

و ما ان انقضى العام المذكور حتى أثبت الدكتور في كلمة استقباله للعام التالي هذا القسم العظيم :

 

" أقسم بك , يا خالقي , انه لو وجد ملايين

من الأغبياء المارقين , أو الخونة المماذقين ,

و ملأوا طروس الأرض ,

لا بل لو نقشوا حجارة هذا الكون بأسره , قائلين بها :

" ان رسالتي هذه غير صادقة " ,

لمشيت رافع الرأس , موفور الكرامة .

و سأبقى على تبشيري و إذاعة رسالتي ,

حتى تعم الأرض , و تنتشر في السماء أيضاً .

و لن تثنيني البرايا  بأسرها عن أدائها , يا الله ,

ما دمت انت تمدّني بقوتك الالهية .

و هذه يميني يا خالقي ,

أرفعها لك من أعماق قلبي

الذي لا يخفق الاّ بذكر  اسمك القدّوس ,

برهبة و خشوع كليين" .