
في كنيسة وندسور
حيثُ دُفن الملوُك وعُظماءُ البريطانيين
دخلنا الكنيسة الضخمة الفخمة، فإذا بها آيةٌ من آيات الفن تحتوي على تماثيل رخامية مُذهلة، فتلفُّكَ الروعة لمشاهدتها، وتخشع للفنّ العظيم الذي يبرز فيها من قمة رأسها حتى أخمص قدمَها.
وحانت مني التفاتة، وإذا بي وجهًا لوجه أمام مثوى الملك جورج الخامس ملك بريطانيا السابق وزوجته الملكة ماري؛ وقد وُضع فوق جدثهما تمثالاً الملك والملكة وقد ضمَّا أيديهما كلٌّ بمفرده، فاشتبكت الأصابع بالأصابع، ورقدا رقاد الأبد. وقد أبدعَ المثال الذي صنعَ هذين التمثالين الرائعين، فهما نسخة طبق الأصل عن الملك وزوجته.
تالله! أفي هذه الحفرة كانت نهاية ملك لا تغرب الشمس عن أمبراطوريته الشاسعة المدى!؟
أهذه نهاية الملوك وهي كنهاية أي إنسانٍ عادي!؟
وماذا يُفيد الإنسان إذا كان ملكًا أو امبراطورًا أو دكتاتورًا إنَّ ما يفيده هو عمله لا منصبه، إذ سيقدم حسابًا أمام الديان على ما اقترفه من أعمال خيرة وشريرة.
والديان يعاقبه أو يثيبه بنسبة أعماله الدنيوية.
ثم مررنا على مثوى الملك جورج السادس والد الملكة اليزابت الحالية، ونجل الملك جورج الخامس. فإذا بمثواه بسيطُ للغاية، وقد نُقش فوق جدثه لوحة رخامية ذُكر فيها يوم وفاته ودفنه.
يا لحياة المرء! إنها سريعة الزوال! إنها كعشب الحقل الذي تراه أخضر نضيرًا، وإذا به قد اعتراه الذبول، ثم تذروه الرياح وكأنه لم يكن.
ومررنا بغُظماء بريطانيين قاموا بخدماتٍ كبرى للأمبراطورية البريطانية، فاستحقوا أن يدفنوا في كنيسة وندسور مع ملوكهم فما أتفه دنيانا!
وندسور، في 25/6/1972
الساعة الواحدة والنصف