info@daheshism.com
مُقدِّمة إلى " نشِيدُ الحُبّ "

نشِيدُ الحُبّ

 

الإهداء

 

إلى الروح التي اندمجت بكياني،

إلى الحلم الفتَّان الذي رافقَ آمالي،

إلى طائرِ الفردوسِ المجنَّح الذي واكبَ خيالي،

إلى الأَطيافِ الشفَّافة،الهائمة في سماءِ حياتي،

إلى الفتنةِ الخلاَّبة المحلِّقة في جناتِ الخُلد،

إلى الخشفِ الوديعِ الذي يجوسُ الحدائقَ العامرة باقحوانها العجيب،

إلى ورود الفردوس التي تتراقص بأَلوانها العجيبة،

إلى البحر الصخَّاب المتلاطمة أمواجه بعنف،والمتصادمة أَثباجه بجبروت،

إلى الجداولِ الرقراقة ،الوسنانة بين أحضانِ الغابِ المقدس،

إلى الغاباتِ الظليلة والمروج السندسية،

إلى تلالِ الغيوم السابحة في الأوقيانوساتِ الإلهية،

إلى رشأ الآجام الهائم بين الأدغال السحرية،

إلى ترانيم الغدرانِ المُذهلة بين شعابِ الأودية السحيقة،

إلى شوامخ الجبالِ المشمخرَّة نحو بروجِ السّماءِ الحصينة،

إلى الكاعبِ الحسناء والفتَّانة الدعجاء،

إلى الظبيةِ النافرة،والمغناجِ اللعوب الحالمة،

إلى الغادةِ الغيداءِ ذات الروعةِ والجمال،

والرقة والدلال،

إلى فصلِ الربيعِ الذي ينشرُ فتنته،على الحقولِ الموشَّاة بمختلف الأَزهار الشذية،

إلى الكواكب المتأَلقة بأَنوارها البهية،

إلى عروسِ خيالي،الهاجعة في أحلامي،

إلى الفجرِ البهي،بطلِّه الهامي،

إلى العاشقِ الولهان،بدمعهِ الهامي،

إلى ربةِ شعري،وملهمتي قصيدي،وآلهة إِلهامي،

أهدي كتابي هذا.

 

                                بيروت في 27-10-1968

 

 

مقدمَة..

 

ان أَول امرأَة، أَغرت أَول رجال الأَرض،كانت أُمَّنا حوَّاء-هذا ما دوَّنه الكتاب المقدس بين دفتيه-

ومن ذريَّة آدم وحوَّاءَ-انبثقت الملايين،تتلوها البلايين من الذكور والإناث،واستمرت الرواية تتابع فصولها طوال أحقاب وأَجيال...

رواية الإغراءِ الأُنثوي المحبَّب-وسيبقى هذا الإغراءُ مسيطراً على الجميع ما بقيت دنيانا العجيبة.

وكتابي هذا،الفضل في ظهوره للمرأَة-فهو من وحيها-وللمرأَة دُوِّنَ كلَّ سطرٍ وشطرٍ فيه.

لقد كان باستطاعتي أَنْ أدَّعي،أَنّني أتغنى بالكنيسة-بالمعبد-بالهيكل-بالفردوس المفقود-بالقوة الموجدة.لكنّي إذ ذاك أكون قد خاتلتُ على نفسي،قبل أن أُخاتل على القارئ.

لقد سبقَ لرجال الدين أن ادَّعوا أن –نشيد الأنشاد-الذي كتبه النبي سليمان منذ 3000عام إِنَّما هو يتغنَّى فيه بالكنيسة-وليس بالمرأَة.

أمَّا الحقيقة التي لا مراءَ فيها،فإِن النبيّ سُليْمَان،كان يتغنَّى بسالبةِ لُبِّه وسارقةَ حُبِّه-(الملكة سبأْ)،تلك الغادة الغيداء،والكاعب الحسناء.

وهكذا خلَّد سُليْمَان-قصَّة عشقه للملكة سبأْ-بقصيدة حب عصماء،يفوحُ منها أريج أزهار الجنَّة المحيي للنفوس.

وها إِنّي أُعلن أَنَّ قصيدتي المنثورة،والموسومة باسم(نشيد الحُبّ)إِنَّما هي من تأْثير المرأَة-ومنْ وحيها- ومنْ رقَّتها،وعذوبتها،وحلاوتها المعسولة...

وسأَنشر هذه القصيدة مُظْهِراً فيها كم هي قوة المرأَة التي تُسيْطرُ على الأفكارِ،وتهيمنُ على العقولِ،وتستلبُ الألباب،كما أنَّه بين يديها أسباب الهناءِ والعذاب.

إِنَّ هذه القصيدة كتبتها وأَنا ما أزالُ غضَّ الاهاب-بضَّ الشباب-وها إِنّي أَنْشُرهَا-وقد بلغتُ سن الكهولة.

وما ذلك إِلاَّ لتذكرني بذلك الماضي السحيق الذي طوته الأَعوام البائدة،مخلفةً لي ذكريات سَجّْلتُهَا آنذاك بساعة نشوةٍ وصفاءٍ،عفت الآن آثارها،وامْحَتْ حتى الأبد أسرارُهَا.

 

                                بيروت الأربعاء في 23تشرين الأول 1968