info@daheshism.com
تضحية النبي الحبيب وتركه عالمه السعيد من أجلنا ، ايفاده كرسول الهداية:

 

صرخة من الأعماق

 

ستدوي زهرةُ شبابي التي أعتزُّ بها كل الاعتزاز!

وستضمحلُّ أفراحي، وتغيضُ أتراحي

ذاهبةً إلى مكانٍ عميقٍ وفضاءٍ مجهول!

وستدوبُ تمنّياتي وآمالي التي كانت صِلَةَ الوصل بيني وبين الحياة،

ستدوبُ في جحيم النسيان! واأسفاه!

وستُبدَّدُ (أحلامي) ماضيةً إلى غير ما رجعةٍ ولا إياب!

وستتلاشى الميولُ التي كانت تعتلجُ في حناياي! واحرَّ قلباه!

ولن أجني ثمارَ انتظاري الطويل المُرهِقِ القتّال!

وسوف تنساني أزهارُ الحقول

التي طالما كنتُ أعطفُ عليها، وأهفو إليها!

وستُجَلِّلُ (جَدَثي) المتواضعَ هاتيك الأعشابُ الشائكةُ القاسية!

وسأبقى في (حفرتي) المتواضعة طوالَ الأيّام والأعوام!

وستكون الوحشةُ القابضةُ حليفين والوحدةُ مُلازمي!

وستطوفُ (روحي) الآفاقَ والقفار، والأسحاقَ والأغوار!

وستظلُّ في طوافها هائمةً، طوالَ الأجيال والأحقاب والأزمان!

وإنها لن تنالَ الراحةَ التي طالما نشدتها، وتغنتْ بها!

ولن تحطى بالدنِّو من (القوة) القاهرةِ الموجِدة!

وإنّها لن تسعدَ تلك السعادة التي لا تعلو عليها سعادة!

وسوف تنوحُ، وتنوحُ، وتنوحُ،

بينا هي تطوفُ، وتطوفُ، وتطوف!

وستظلُّ تنتظرُ أمرَ (الله)، حتى تحينَ ساعةُ (رجوعها)، ثانيةً،

إذْ علَّها تستطيعُ، بعد ذلك، (إصلاح) نفسها بنفسها،

فتنعمَ، وتسعدَد!

فواحسرتا للإنسان! ما أحقره! وما أشقاه!

                                                              القدس، 1935