info@daheshism.com
إفتتاحيَّة صوت داهش السنة التاسعة، العدد الأول، صيف 2003

 

صوت داهش

السنة التاسعة، العدد الأول، صيف 2003

سلام العالم رهن بالعدالة والمساواة بين الدول

واحترام تراثها الثقافي

 

مع أنَّ منظمة الأمم المتّحدة أسّست لنشر السلام في العالم، فالنزاعات بين الدول ازدادت باطراد. وكان الدكتور داهش قد تنبأ، في " مذكرات دینار" (أوائل 1946 )، بأن مساعي المنظَّمة للسلام ستفشل، ما دامت المبادئ الإنسانيَّة والقيم العُليا التي قامت من أجلها لا تُطبَّق، والدول الكبری تؤثر مصالحها القومية على المصالح العالميَّة حتى لو أدى إيثارُها إلى كوارث شاملة. لكنَّ الشعوب بإمكانها، إذا أرادت وأخلصت النيَّات، أن تشكل أسرة إنسانيَّة واحدة يسودها السلام والهناء، وذلك بتبديد الحذر والقلق المُسيطرين على الدول الضعيفة من جراء هجمة العولمة عليها بطروحها غير العادلة. فعلى الأقوياء أن يظهروا استعدادهم للقيام ببعض التضحيات، فتُعدِّل هيكلية الأمم المتّحدة بما فيها مجلس الأمن، ليصبح تمثيلها وتعاملها مع القضايا الدولية مبنيين على عدالةٍ ومساواةٍ صادقتين؛ وأن يتصرَّفوا تصرُّف قدوةٍ عالميَّة، فيحبّهم الضعفاء ويعتنقوا قيمهم العليا ، وأن يعزِّز دور الأمم المتّحدة ومحكمتها العالميّة في النظر بخرق القوانين الدوليّة، كما بمظالم الحكَّام لشعوبهم حينما لا تبقى للمظلومين ( جماعات أو أفراد) حيلة لإنصافهم على أيدي حكَّامهم (د. براكس ص 5).

 

وقد أعطى الدكتور سالم مثلاً على لامبالاة الأقوياء التي قد تسبِّبُ كارثةً عالميةً في مقالة عن إفساد التوازن الدقيق في الطبيعة، حيث أظهر أن ازدياد سكان العالم المُطرد، والمُقترن بتفاقم التلوث في الماء والهواء والتربية و بخرق طبقة الأوزون الواقية وانقراض الأشكال الحيَّة قد يؤدَّي إلى كارثة تتمثل في تفشِّي الأمراض وانتشار المجاعات الشاملة وتقهقر الحضارة إلى ما كانت عليه في العصر الحجري (ق. إنكليزي، ص 4 ).

 

وإيضاحًا لأهمية الحفاظ على التراث الثقافي الوطني تعزيراً للهوية القوميَّة والتفاهم بين الشعوب، أوضح الدكتور ناشف أن التنّوع الثقافي كنزٌ ثمين للبشرية، لأنَّ كلّ تراث وطني يمتاز بمقوِّمات البقاء يصب تراثاً مشتركا للإنسائية. ومن أجل صيانته عملت منظمة اليونسكو على إدخال ۲۹۰ موقعا في ۱۲۲ دولة تحت حماية الأمم المتحدة (ق. إنكليزي، ص ۱۰ ).

وفي نظرة الى الوضع الحضاريّ المتخلِّف في البلدان العربيَّة بالنسبة الى إلى مسيرة التقدُّم، يظهر الأستاذ الأعرجي، بناء على فرضية " العقل المجتمعي " المُتشكِّل من مُركَّبٍ من القيم والمبادئ والتقاليد والعقائد والمطامح إلخ -  أنَّ الناسَ العاديين لا يَعون التأثير البالغ الذي يحدِّثه في أفكارهم وسلوکهم " العقل المجتمعي " المحروس عادةً من قبل حُكمٍ مُتسلِّط. وتحطيم ذلك التأثير المجمّد للحاضر ضروري للتقدّم و التجديد الحضاري. ويرى الكاتب أن تقهقر العرب والمسلمين الراهن وله الصراع بين الحداثة وفهم خاطئ للتراث جمَّد قيماً ومعتقداتٍ تمتُّ إلى عصور الانحطاط أكثر منه إلى الشريعة (ص ۱۷).

ويبحث الدكتور الكك في دور اللغة العربية وتأثيرها في إيران، ظهر أن الشعراء الفرس تأثروا تأثراً بالغاً بأسلوب الشعر العربي، وأن من بين الأسباب التي ولّدت ذلك التأثير تشجيع الأمراء والحكّام للشعراء وقدرة أكثر الشعراء الفرس على الكتابة بالعربيّة والفارسيّة، وكذلك إنشاء مدارس عليا لتدريس الدّين والفقه. بيدَ أن مَدَّ العربية أخذ بالانحسار منذ قيام الحكم السلجوقي في القرن الحادي عشَر. (ص ۳۱).

زيادةً على ذلك يبحث الدكتور عاد في الشعر العربي في العهدين المملوكي والعثماني (ص 96 )؛ ويكشف الأستاذ الباز بعض الأسرار التي كانت وراء الفكرة المُبدعة التي شرَعَت أبا الهول والأهرام (ق. إنكليزي، ص ۱۳ )؛ ويختار ورتسمان 16 مُتحفاً للفنون في نيويورك فيلقى ضوءاً على بعض كنوزها الثمينة (ق. إنكليزي، ص ۱۹ )؛ و یکشف الدكتور شمالي عن حقيقة الاستنساخ (ص ۷۶ )، ويشارك الدكتور سعد الدين بمقالة مُفيدة عن الغناء والموسيقى في الإسلام (ص 69)، فضلاً عن مقال لمى علوش وأخرى في وفاة القطب الداهشيّ، الدكتور فريد أبو سليمان (ص ۷۹ و ۷۲ ). أخيراً، يوافق هذا الإصدار الذكرى الرابعة والتسعين لمولد الدكتور داهش. فبفضله تستمرّ هذه المجلَّة في كونها منبراً للدعوة إلى السلام والعدالة والإخاء بين الشعوب. وبهذه المناسبة نقدِّم إلى القرَّاء قصّةً لمؤسِّس الداهشيَّة يظهر فيها تأثير الحبّ الصادق وجزاء نقض النذر الكهنوتي بأسلوب شدید التأثير والإيحاء (ص ۵۰ )، كما نُقدّم قصيدتين لياسر بدر الدين وعلي جمعة (ص 46 و 49 )، ومراجعة لكتابي الدكتور داهش قيثارة " أورفيوس " و "أناشيدي " بقلم غالية خوجة (ص ۸۳ ). *

 

هيئة التحرير