info@daheshism.com
إفتتاحيَّة صوت داهش السنة السابعة، العدد الرابع، ربيع 2002

 

صوت داهش

السنة السابعة، العدد الرابع، ربيع 2002

 

دورُ الثقافة في رقيِّ الحضارة

 

للثقافة مُقوِّمات متعدِّدة ما يزال الدين أهمّها في معظم البلدان. والأحداث التنمويَّة الأخيرة التي هزّت الولايات المتَّحدة كما العالم برهنت على أن الدين يجب أن يبقى قوّة روحيّة جامعة للشعوب ومقرِّبة بينها ليحافظ على نقائه الأصليّ ومبرّر وجوده. فإذا دفع التعصُّب المؤمنين به إلى اعتقادهم أنَّ الحقيقة المُطلقة مُلكُ يمينهم وحدهم، خلا الدين من جوهره الروحيّ.

 

والعلوم الطبيعية والإنسانية هي أيضا ًمن عناصر الثقافة. لكن التقدّم العلميّ التكنولوجيّ إذا لم يقترن بالفضيلة، ولَّدَ ردَّات فعلٍ قد تكون عنيفة مُتطرِّفة ممَّن يدعون أو يتوهَّمون أنهم يمارسون الفضائل أو أنهم حُرَّاسُها، سواء في المجتمع نفسه أم في المجتمعات الأخرى؛ وفي ذلك ضرر للجميع. ولذا فالمجتمعُ ذو الحضارة الراقية يحرص أبناؤه على أنّ بين ثقافتهم على أسس من القيم الروحيّة، وتكون إنسائيّة متعدِّدة الأوجه، فيتفهموا ويحترموا مُختلف العقائد والثقافات، ويسعوا إلى خير الإنسانيّة جمعاء ماديّاً وروحيَّا )أنظر مقال رئيس التحرير، ص 5 ).

 

وبما أن النمو العلميّ التكنولوجيّ شرط ٌلا مناصَ منه لتحقيق النمو الحضاري الحديث، فيجب أن يكون مسعىً أوليَّاً في الدول المُتخلِّفة يُمكِّنها من اللحاق بموكب الأم المتقدِّمة، وبالتالي من من الضرورية للتحرّر من أيّة سيطرة خارجية على استقلالها ومنع استثمار مواردها الطبيعية (أنظر مقال الأستاذ علاء الأعرجي، ص ۱۷).

 

والأدب، ولا سيِّما الإبداعي منه، من أجل العناصر في الثقافة. وفي هذا العدد تعريف بأدیبين امتزجت في إبداعهما ثقافة الشرق وثقافة الغرب. فالدكتور سهيل بشروئي خصَّنا بمقالٍ ألقاه في الندوة التي أقيمت بإنكلترا في ذكرى الريحانيّ المئة و الخامسة والعشرين لمولده، وفيه يبرزه رائداً للتجديد الأدبيّ والإصلاح الفكريّ والاجتماعيّ، وجامعاً للثقافتين العربيَّة والإنكليزيَّة. ومن أهم ما اشتمل عليه فكر الريحانيّ دعوه إلى التسامح الدينيّ، بل الإيمان بوحدة الأديان (ص ۲۸)، كذلك مذنا الدكتور فكتور الكك مقال عن الشاعر جاهد صدقي تربحي، الشاعر الذي مزج في قصائده روح الشرق بثقافة الغرب، والذي يعد من بناة الشعر التركي الحديث (ص 46 ).

 

كذلك من عناصر الثقافة المهمّة الفنون بمختلف أنواعها. وفي هذا العدد يعرض محمد عيسى القيري للرسم والنحت بمصر، في مراجعته لكتاب " فنَّانون وشُهداء " الذي ألَّفه عز الدين نجيب. وفيه يطالعنا وجهٌ قبيح من الواقع السياسيّ، وإزاءه وجه الفن الجميل الذي امتشقه الفنَّانون سلاحاً، به يحاربون الطغيان، وبه يُصبحون ضحاياه. فبين أحمد صبري، أول شهداء الفنّ بمصر، والحسين فوزي و آنجى أفلاطون التي كافأتهما فرنسا بجوائز الدولة، رتل من المُبدعين الذين كافحوا تحت راية الفنّ الجميل من أجل كرامة الإنسان وحقّه بحياةٍ شريفة، فجوزوا بالرفض والإهانة أو السجن، وبالظلم من كل صوب (ص 68).

 

زِدْ إلى ذلك قصّة قصيرة للدكتور داهش يفضّ فيها بعض أسرار الوجود العجيبة (ص 5 5، وص ۲۰ قسم إنکليزي)؛ ومقالاً للدكتور سمعان سالم يعرض فيه كيفية ولادة الكون وفقا للنظريَّة العلميَّة الحديثة (ص 4 قسم إنكليزي)، ومقالاً" للأستاذ ماجد مهدي يعرّف فيه بالدكتور مرسي سعد الدين، أحد أعلام الثقافة في مصر، وبأسرته منوِّهاً بنجله حمدي الذي ترجم عدّة قصائد عربية إلى الإنكليزيّة (ص 49 ، وص ۲۸ قسم إنكليزي)؛ ومقالاً لدوغلاس جونسن يظهر فيه انطباعاته الصادقة بمناسبة ولادة أول طفلة له (ص ۱۲ قسم إنكليزي)؛ وقصيدة للدكتور منير عشقوتي يصف فيها وضع لبنان المأساوي رافضاً الإذعان له (ص 66).*

 

رئيس التحرير