صوت داهش
السنة الحادية عشرة، العدد الثالث، شتاء 2006
حاضر كل أمَّة نتيجة لماضيها
جوهر كل دين، وفق التعاليم الداهشية، يكمن في قيَمه الإنسائيَّة والروحيّة، کالمحبَّة والرحمة والتسامح والفضيلة، وكذلك في صيانة كرامة الإنسان وحقوقه، وخصوصاً حريَّة العقيدة والتعبير؛ زدْ إلى ذلك سعي المؤمن لمزيدٍ من المعرفة الروحيّة والطبيعيّة، لأنَّ الله جلّت قدرته - هو المُطلق عقلاً وحقَّاً وخيرًا وجمالاً. بناء على ذلك نستنتج أن المؤمنين عندما يقصرون إيمانهم على الطقوس والتقاليد، فسيدفعون إلى الجهل والعصبيّة العمياء، ثم إلى الاقتتال فالضعف والانحطاط. زيادة على ذلك فماضي كل شعب يبقى فاعلاّ في حاضره، ذلك بأن حياة الشعوب أشبة بنهرٍ من السيَّالات الحيَّة الجارية بين الأزل والأبد، والإنسان، حتى العالم، لا يرى منه إلاَّ ما يتكشَّف في اللحظة التي هو فيها. هذه الحقيقة أوضحها رئيس التحرير مطبّقة على شعوب الشرق الأقصى بعد ظهور الهدايات الروحيّة فيها (ص 6 ). ويستلهم الأستاذ علاء الأعرجي علم الاجتماع لنبش علّة التخلف الحضاريّ العربيّ، فيرى أن بناء الأوطان يبدأ ببناء سكانها وجعلهم هدف التنمية الأمثل؛ وبناء الإنسان يكون بتربيته تربية صحيحة راقية؛ وهذا لم يحصل في البلدان العربية الغنية بثرواتها الطبيعية، والمفتقرة إلى استثمار إمكاناتها البشريّة الإبداعيّة (ص ۱۷ ). وفي الخطِّ نفسه يوضح الدكتور تيسير ناشف تأثير رفض الحوار و احترام آراء الآخرين وعدم موضوعية الباحث في زيادة تخلّف الثقافة العربية، ذلك بأن العصمة من الخطأ مستحيلٌ وجودها في فردٍ أو جماعة؛ والحوار إذا لم يكن مُستنداً إلى مقدِّمات أو مبادئ عقليَّة واضحة مُشتركة، فلن يؤدي إلى نتيجة صحيحة، بل يزيد الأزمة الفكرية تعقيداً (ق. إنكليزي، ص ۱۹ ).
وتُتابع د. سميرة ماضي دراستها لآراء الشيخ خالد الإصلاحيّة في الأنظمة العربيّة وخصوصًا المصريّة. فتكشف أسباب التخلُّف الاجتماعيّ مثلما يبرزها، منها الاستغلال الإقطاعي للفلاحين والعمَّال والموظفين الرسميين؛ الحكم الفاسد القائم على المحسوبية والرشوة؛ نسبة البطالة العالية؛ انفصال الجنسين الاجتماعي المتولّد من أحكام خاطئة ونفسيّة مريضة (ص ۲۸).
ويتناول د. ككّ جوانب من الواقع والمرتجي في العلاقات العربيَّة الأمريكيَّة متمثّلة في جهود أمين الريحاني. فيظهر أن الريحانيّ وقف کتابته ونضاله الفكريّ لتعزيز قضية الوحدة الدينيَّة، ووحدة العالم العربي، ووحدة البشرية. ويوضّح أنَّ قسماً لا يُستهان به من كتاباته كان للمصالحة بين الشرق والغرب، والدين والعقل، والروح والمادّة (ص 36). ويضمُّ القسم العربي أيضاً مقالاً طريفاً عن التأريخ بالشعر العربي ل الأستاذ بول خياط (ص 53)؛ وثانياً عن العناية بالمُسنين في المجتمعات المتقدِّمة للدكتور حويلي (ص ۹۲ )؛ وثالثاً عن النثر لغة الحضارة تتابع فيه د. مها العطار بحثها (ص ۶۷ )؛ ورابعاً عن الرواية والسينما للدكتور فوزي الزمرلي (ص ۷۶ ) مع قصيدة للشاعر يوسف عبد الصمد (ص 50 ).
كذلك يضم القسم الإنكليزي القسم الأخير من دراسة الدكتور عاكف أبادير لنجيب محفوظ (ص 4 )؛ ودراسة سيكولوجيَّة أدبيَّة عن إرنست همنغواي لهند أمل موستاري (ص ۱۲ )؛ ومقالاً
عن طبيعة الإدراك الحسيّ لوليم حنا (ص ۲٥). وكالعادة نُدرج في هذا العدد قصّة قصيرة للدكتور داهش ينعكس فيها بوضوح وبساطة وجه من التعاليم الداهشيّة؛ وهي تدور حول تأثير الضمير الحيّ في قوّة الإيمان، وتأثير الإيمان القويّ في تصرّف الإنسان (ص 445 ق. إنكليزي، ص ۳۱ ).*
رئيس التحرير