info@daheshism.com
مقدِّمة إلى "كيف آمنتُ بالداهشيّة"

ماجد مهدي

كيف آمنتُ بالداهشيّة

 

 

محاضرةٌ ألقاهاَ صاحبُ ومديرُ مدرسة النهضة العلميّة المختلطة في قاعة المحاضرات في المدرسة ، وذلك في 20 نيسان 1972

 

نعيد نشر فقرة من العريضة التي قدّمتها السّيدة ماري حدّاد الداهشيّة للرئيس كميل شمعون ضد زوج شقيقتها في شهر أيلول 1952 والتي نشرتها مجلّة "العالم العربي " المصريّة في عددها السابع من سنتها السادسة أوّل يناير 1953.

 

قالت ماري حدّاد في عريضتها :

" والآن ... آمل أن يصغي فخامة الرئيس لهذه الحادثة التاريخيّة التي يعرفها ولا ريب ... وها هي :

عندما أُدخلت السّيدة (زينب) ابنة علي بن أبي طالب أمام – ابن زياد – وكان أمامه رأس أخيها (الحسين) الذي قُتِل في معركة "كربلاء" المشهورة .

 

بادرها قائلاً :

" الحمد لله الذي فضحكم ، وقتلكم ، وأبطلَ أحدوثتكم !"

فلم تمهل زينب (ابن زياد) بل ثارت صائحة بوجهه قائلة له :

" الحمد لله الذي كرّمنَا بنبيّه ، وطهّرنا من الرجس تطهيراً . إنّما يُفضحُ الفاسقُ الغادر ، ويُكذّب الفاجر الذي هو أنت !.."

ولو أحَبّ (ابن زياد) لبطش بها ، أو أمر فسجنت ، وهو صاحب الدولة والصولجان، والقدرة والسلطان . ولكنه رغما عن سوء أخلاقه ، وانعدام أدبه ، فإنّ نفسه أبت عليه أن يعتدي على امرأة ضعيفة ، وهو صاحب الحول والطول ، وأمر بإطلاق سراحها ...

جئت بهذه الحادثة التاريخيّة لأقارن بين ما صنعه (ابن زياد) بمن يعتبرها عدوّةَ له ، وهي غريبة عنه ، لا تربطها به أيّةُ رابطة .... وبين ما فعله معي (بشارة الخوري) المطرود من الشعب اللبناني ، هذا الوصولي ، الذي هو زوج شقيقتي لور ، شريكته بالجريمة الدنيئة ...

وسوف تُدهش فخامتكم إذا أعلمتكم بأنّ بشارة المذكور أمر فأوقفت في (النظارة) شهراً كاملاً كنت أنام خلالهُ على (طاولة خشبيّة) وبرفقتي عشرات من الحرّاس والموظفين ، فضلاً عن الرجال الموقوفين . وذلك تشفياً وانتقاماً مِنّي لأنّي فضحت بكتبي السوداء جريمتهم النكراء ضِدَّ الدكتور داهش البريء .

إنّني من صلبهم ، وذات صلة رحم بهم ، وعاملوني هذه المعاملة الدنيئة التي لا تشرّفَهُم ، والتي سجّلها التاريخ لعنة مقوضة مزلزلة ، يقرأها الجميع فيلعنون حتى ذكر أسمائهم البغيضة من الله رَبِّ العالمين . والناس أجمعين ."

 

مجلّة العالم العربي – العدد 67-

السنة السادسة – يناير 1953

                                                         

 

 

أشبّهُ الحياةَ بقفص رهيب هائل ، والبشر بالطيور السّجينة فيه ، ومهما بذلت الطيور من مساعٍ وجهود لاجتياز نطاق القفص ، لا تستطيع النّفاذ منه حتى يأتيها داعي الموت ويحرّرها من تلك العبوديّة الصّارمة ، ويَعتِقُهَا من ذلك القيد الثقيل .

 

 

إنَّ جميعَ أعداءَ داهش سوفَ ينكسرون ،

وأحطَّ ما في إنكسارهم هذا أَنَّهم سوف يخملونَ إلى قُبُورِهم .

لأنَّ هذه الجريمة لا تتلاشى في الهواءِ ، ولا تذوبُ عناصرها .

في الفضاءِ . فهي ترافقُ مُرتَكِبيهَا ، ملتصقةً بهم ، مندمجةً

بخلاياهم ، فَتُذكرُ كلَّما ذُكروا ، ويُذكرونَ كلَّما ذُكرت ،

فهم وهي عظةٌ وذكرى للأجيال القادمة .

 

"جبران مسّوح"

نَشَر جُبران مَسُّوح هذه الكلمةِ في مجلّتهِ "المختصر"، الصادرة

في بونس إيرس في العدد 10 مِنَ السنةِ الأولى أيلول 1946.

 

 

                                  الإهداء

 

إلى كلّ من يرفع سوطه ويَسُوط به الحاكم الظّالم

عندما يعتدي على دستور البلاد وقوانينها .

فلذعات هذا السّوط المُلعْلع تردع هذا المُعتدي

الأثيم وتشهّره فينكص على عقبيه وينكمش

منزوياً في دهاليزه المعوجّة الدّجوجيّة الظّلمات .

 

 

 

أنا القويُّ الجبّارُ ... والعنيفُ البتّار

فمهما حاولتُ الأحداث أن تتغلّبَ عليَّ

أو تخضعني بجبروتها

فإنّها لن تعود إلاَّ بصفقة الخاسر المغبون .

ولن تتمكّنَ من إماتَةِ ما يجيشُ في نفسي من نزعاتٍ

تبغي الإنطلاق من هذه القيود

كلاَّ !... أنا لن أتقاعس عن نيل أهدافي وبلوغ

اتجاهاتي التي أطمح إليها

وسأحقّق أمانيَّ عاجلاً أم آجلاً .

وسأسحقُ مَن يقف في طريقي مِن عقبات كأداء

وسأردّمها ترديماً

وسأهزأ بالإنسان ، وبالطبيعة ، وبالقدر !

وسأبلغ آمالي . وأُحقّق أحلامي!...

وأنف الحياة في الرغام

 

                                                داهش

 

 تقديم *

 

 

الرسالاتُ الروحيّة عبر التاريخ لها رجالُها العظام ، لها مفكّروها ولها مبادئها السامية . فعظمة هؤلاء الرجال تجلّت في عقولهم وكتاباتهم وسيرتهم وخاصّة في جهادهم وتضحياتهم ، ولكن لا طمعاً بجاهٍ ومال ، ولا بسلطة وسلطان ، وإنّما مِن أجل غاية شريفة هي : إعلان الحقيقة عالياً ورفع لوائها ، ونشرُ بذور المحبّة والإيمان في نفوس أبنائها .

هكذا كان في الماضي ، وما أشبه اليوم بالماضي ؛ إنّ الداهشيّة ، الرسالة الروحيّة السامية ، لها مبادئها وفضائلها ورجالها ومفكّروها ، منهم من لبّى نداء الجهاد متحمّلاً اضطهاد الحكّام وأسرَ السجون ، متخطّياً بسموِّ أفكاره متاهات الدنيا وحُثالاتِ البشر .

فالداهشيّة نارٌ ونور : هي نارٌ للمكابرين المنافقين الكاذبين المرائين ، تحرقهم بسعيرها وتحوّلهم أشلاءَ ، وتنثرهم رماداً وهباء .

هي نور للجبابرة المنافحين المجاهدين ، المكافحين ، الثابتين في عقيدتهم الحقّّة ، تنير سُبُلهم وتُضيء ما هو ظلامٌ في حياتهم ، فيشقّون طريقهم بجرأةٍ وجبروت ، حاملين مشاعل الهداية الروحيّة للعالمين ، واهبين السعادة الأبديّة للأنقياء الصالحين .

فالداهشيّة تبني الإنسان بناءً سليماً ، وتنفخُ فيه روح الشجاعة : شجاعة العقل مقرونةً بشجاعة القلب ، لأنَّ شجاعة العقل تستند إلى التفكير السليم والحجّة القويّة والرأي السديد ، والإقبال القادر الواعي على التضحيات الجِسام ....

ومثلما أنّ الرسالة الداهشيّة عقيدة روحيّة ، فهي أيضاً سيرةٌ ومَسْلك . وبسيرتنا ومَسْلكنا الشخصيّين ، وبتمسّكنا بتعاليم الأنبياء عبر الرسالات السماويّة المقدّسة ، نستطيع أن نغزو العالم أجمع ، لأنّنا لا نؤمن بالمواعظ والإرشادات والكلمات الحماسيّة فقط ، بل بالعمل الجدّي والجهاد والاستشهاد في سبيل عقيدتنا الداهشيّة الحقّة ، لأنّ الداهشيّة لا ولن ترضى في صفوفها أشخاصاً جبناءَ متسكّعين مُستَزلمين معتوهين رعاديد ، بل تَرضى وتَفتخر بأشخاصٍ مُثقّفين أصِحّاء في أفكارهم ، أقوياء في عقولهم ، جبابرة في جهادهم وتضحياتهم ، يعملون من وحي ضميرهم ومعرفتهم بجباه شامخة ، لا ينحنون إلاّ لخالقهم ، ولا يخضعون إلاّ للحقيقة وحدها فقط .

هذا ما علّمن إيّاه (داهش) مؤسِّس عقيدتنا الروحيّة إذ إنّه أعلنها حرباً ضارية على (بشارة الخوري)  الباغية الذي اختلس جنسيّة داهش ظلماً وافتئاتاً . وعندما كانت أكبر الرؤوس تنحني مطأطأةً أمام بشارة الخوري مُذلّةً نفسها أمامه ، كان داهش يمطره بقنابله الكلاميّة في كتبه السوداء التي أربى عددها على (65) كتاباً أسود و(165) نشرةً سوداء أيضاً ، عدّد فيها ارتكابات بشارة الخوري وذلك بوثائق زنكوغرافيّة فأصبح اسم بشارة الخوري مضغةً في الأفواه ، وأسفر ذلك عن طرد الشعب لبشارة الخوري ، فسقط عن كرسيّ حكمه غير مأسوف عليه وأعيدت الجنسيّة لداهش .

وهكذا نحن نسير على خطى مؤسّس عقيدتنا ، لا ننحني أمام أي مخلوق مهما ظنّ نفسه كبيراً وما هو إلاّ أصغر من صغير وأحقر من حقير . فالسفينة الداهشيّة تمكث ماخرة عباب الأوقيانوسات غير عابئة بالأمواج الثائرة ، وبتجهّم الأجواء مجتازةً الصعاب ، محطّمة الحواجز حتى تبلغ مرفأ الطمأنينة والسلام .

كما أن الجميع يعرفون بأنّ داهشاً شرح في كتبه السوداء مراحل جريمة بشارة الخوري وزوجته لور وميشال شيحا شقيق لور وهنري فرعون ، هذا الأقنوم الرباعيّ الذي تآمر على جريمة نزع الجنسيّة . ولم يكتفِ هذا الرباعيّ المعتدي على دستور البلاد وقوانينه بهذا التجريد المجرم ، بل سخّروا وسائل الإعلام ضدّ داهش ، فراحت وسائل الإعلام تنهشه نهش الذئاب المفترسة مكيلةً له التُّهم المختلقة التي لا تستند إلى أيّة حجّة أو دليل (وما هو إلاّ كلام يلقى على عواهنه لتسويد صفحته).

كما أنّ بشارة الخوري كلّف أربعة صويحفيّين مُتَعيّشين على المثالب الكاذبة ، فأَلّفوا ضدّه أربعة كتب ملأوها بالأقذار التي تنضح بها بيوتهم وبيت بشارة الخوري ، وما كانوا إلاّ واصفين عائلاتهم ونساءهم وشقيقاتهم ، وشتّان ما بين الصدق الواضح والكذب الفاضح . وقد ظنّ بشارة الخوري أنّه قد قضى بهذه الكتب وبوسائل الإعلام على داهش ، وأنّ الداهشيّين سينفضّون عنه .

ولكن خاب فأله وفأل هنري فرعون وميشال شيحا ولور زوجة بشارة الخوري ، إذ زاد تمسّك الداهشيين بمؤسّس عقيدتهم وخصوصاً المرحوم السيّد جورج حدّاد وزوجته الأديبة (ماري حدّاد ) وهي شقيقة لور التي يعرف الجميع كيف أوصلت زوجها إلى أريكة الحكم ثمّ طرده الشعب طرداً شنيعاً موجعاً .

وكان نتيجة هذه الكتب السوداء المفعمة بالوثائق وبالحجج المدعومة بلوحات زنكوغرافيّة أن أدخل بشارة الخوري شقيقة زوجته ماري حدّاد إلى السجن عاماً كاملاً ذاقت فيه الأمرّين ، كما إزداد إيمانها بداهش والداهشيّة . وهكذا ملأت الأحقاد صدور هذا الأقنوم الرباعيّ المجرم وتلظّوا بغيظهم فذكّرنا هذا بالآية الكريمة القائلة :" موتوا بغيظكم".

وهكذا دخلوا إلى قبورهم حزناً وألماً وكمداً بعد أن أفتُضِحَت سيرتهم وهتكت سريرتهم ، وأصبحوا مضغة في أفواه الشعوب وليس الشعب اللبنانيّ فقط . ومثلما تلعن الأرض (بيلاطس) الذي حكم على (السيّد المسيح البريء)، هكذا ستلعن الشفاه والألسن بشارة الخوري وزوجته وميشال شيحا وهنري فرعون على جريمتهم النكراء التي لم يسجّل القرن العشرون فاجعة تعلو عليها . وملايين ممّن سيولدون سيقرأون الكتب السوداء والكتاب الذي سيطبع عن جريمة هؤلاء الأربعة فيلعنون هؤلاء المرتكبين المرعبين مُسْتَمْطرين عليهم شآبيب اللعنات المزلزلات ، فتنتفضُ عظامهم في قبورهم وتؤرّقهم لعنات أبناء البشر فيندمون على جريمتهم الساقطة ، ولات ساعة مندم .