info@daheshism.com
مُقدِّمة إلى "المُتسكّع وقارعة الطريق في رحاب الدكتور داهش " سامي واصاف

تمهيد

اليوم هو السادس من آذار 2014، في مقهى الـ Starbucks في (Methuen MA) المدينة التي أسكنها في أميركا (وهذا المقهى وهو في تجمع تجاري اسمه (loop) يقصده الكثيـر مـن النـاس فـهـو دائمـاً مكتظ ، زبائنه من المثقفين، والكل منهمك بقراءة أو عمل أو محادثة ، ومعظم ذلك يجري عبر الـ I Pad أو الهواتف الذكية أو Laptop من الاحجام الصغيرة.

القهوة بقربي لم ارتشف منها آية قطرة بعد.

أتذكر انه ومنذ فترة طويلة تجتذبني فكرة كتابة قصة قصيرة عنوانها "قارعة الطريق". ولا أدري ان كنت سأبدأ اليوم كتابة صفحاتها الأولى .

 

سامي واصاف

صباح الخميس في 6 شباط ٢٠١٤ Starbucks

 

المقدمة

قارعة الطريق،

تلك الفريدة المتحولة،

فتاة شارع تبيع الهوى،

ولكنها،

لیست هیرودیا،

ولا هي لور سيدة المعاصي،

ليست دليلـة " التـي ملَّقت شمشـون بحسـنها المأجور"،

وسمَّم فحيحها فراشه،

فاسْتَنْزَفَتْ عزمه، وأردته عبدا ذليلاً.

لكنهـا مـرتـا ألبانيـة، "خليلـة" جبـران، التـي واساها وهي تحتضر قائلاً:

"هنيئا لك يا مرتا أنك الزهرة المسحوقة ولست القدم الساحقة"

انها المجدلية عاشقة الجسد،

أطْرَبَ مسامعها،

وهي تستقي على حافة بئر،

نغم سماوي،

قتل فيها الوحش وأيقظ الإنسان،

أطفأ فيها شبق التراب،

فإذاها عاشقة للروح،

نقية كأنوار الصباح،

بريئة كبتلات السوسن،

مريام الناصري،

حبيبة يسوع،

بل،

لعلهـا خـلال درب جلجلتهـا وفـي حيواتهـا

المتلاحقة

هيباتيا(1)" 370 ميلادية" عروس عرائس الجنة التي ذبحها جهل أحبار مرقصِيّي مصر الأوائل فسلخوا جلدها، وقطعوا أطرافها وهي حية يا ويلهم ودماء يسوع الثائر المُبشِّر بالحرية لا تزال رطبة على الصليب؛

او لعلهـا جـان دارك شهيدة الفـردوس التـي احرقهـا رهبـان فرنسـا حـيـَّة عـام ألـف وأربعمائة وواحد وثلاثين وهي في التاسعة عشر من عمرها بعد ان اتهموها بالسحر كما اتهموا هيباتيا. وحين اعتلى منصة المحرقة  " قيافا فرنسا " الاسقف بیار کوشون ؛

ليسألها طلب المغفرة: صاحت بوجهـه بعـد ان طلبت ان يكون الصليب الى يمينها:

 " اموت على يديك يا بيلاطس"

وكأنها تقول له لا تغسل يديك يا حفيد قيافا الذي ستتلطخ روحه بدماء هذه الصديقة؛

وارتفـع اللهـب يـلـتـهـم شـبـابـها الـبض، يفـري حشاشتها ويُصَعَّد لله شكاتها ممن أدَّ~عوا زوراً انهم خلفاؤه .

وتستمر قارعة الطريق في مسيرتها الدهرية عبر العصور،

فإذاها فكرة تشتاقها الأوراق العطشى الى حبر دواة،

يتقطر من ثغور الأقلام الولهي للجمال،

ويهرق مداداً على صفحات بيضاء منتظرة،

لإرواء كتب لم تكتب بعد.

امـا المتسكع الجوَّال فإنه ذلك المتسـول الـذي يطـرق كـل الـدروب ويقرع كل الأبواب مُستجدياً الأجوبة على اسئلته التي تتدفق بلا حدود؛ يستجدي المعرفة وغفران الآثام؛

يـلـهـث دون امـل لبلوغ بحيرة النسيان لتغتسـل روحه بأنوارها الوضاءة، لعلَّه يلقي عن منكبيه ثقل الأيـام والدهور التـي قضـاها ولا يزال تائهـا فـي أرجاء الكون وقد برَّحَهُ الوجد الى فردوسه المفقود.

اما ما ورد عن الدكتور داهش وعن الداهشية فإن هي إلا ملخصات مقتضبة عن رجل خارق وعقيدة روحية رؤيويه تؤسس للقرون التوالي في مستقبل الأرض؛

يـوم يـصـبح الكوكب وسكانه مُعَدِّين لاستقبال افكارها الثورية الرائدة.

ما ورد فـي هـذا الموضـوع يُلزم بالمسؤولية المتسكع الغريب الجوَّال دون سواه، فإن وجد هوىً فأمر يسعده ويرضيه، وإن تعرَّض للنقد فهذا أمر بديهي، وإن جوبة بالرفض فلا ضير في ذلك، إنّها سُنَّة الحياة.

فقد رُفض سقراط والمسيح ومحمد...

فكيـف بـقـارع طريق، مُتَسكِّعٍ جـوَّال، يتسـوَّل المعرفة على كل باب.

امـا موقفـه مـن رجـال الـديـن فـلا يتعمَّـد المـسَّ بجوهر الحقائق الروحيـَّة التـي مـن اجـلـهـا ضحَّـى معلمو الأرض العظماء، بل، انها دعوة للإصلاح والكف عن استغلال الآيات المنزلة والكتب المقدَّسة لتقييد حرية الناس واستعباد أرواحهم وسوقهم الى مذابح الرغبات التي لا ترتوي.

لقد جعلوا الإيمان بالله ايماناً بطقوسٍ واسرارٍ ابتدعوها أغلالاً طوَّقوا بها أعناق المؤمنين البسطاء ليسهل استعبادهم. وقيَّدوا بها ايادي النافذين ليكونوا طائعين راضخين لمشيئتهم، والا فَيَرْفَضُّ القطيع، وعنهم ويتشتّت.

 

سامي واصاف

 ۲۱ تشرين الاول ۲۰۱۹

 

1- هيباتيا استاذة الفلسفة والرياضيات والفلك في جامعة الإسكندرية ما بين 300 و400 ميلادية، شهيدة المرقصيين الكفرة والجهلة في زمن كوريوليس، كانت معشوقة طلابها وذات اثر عظيم عليهم وهم من كل العقائد وهذا ما اثار خوف کوریوليس وعصابته المجرمة . كانت هيباتيا تدين بآلهة الاولمب، وكانت تنتمي الى مدرسة فيثاغورس والافلاطونية الحديثة، كانت ما دون الخمسين من عمرها حين سلخوا جلدها حية وعذبوها حتى لفظت أنفاسها. اعتبر المؤرخون قصتها، وصــــــمـة عــــار فــــــي تـــــــاريخ الكنيسة المرقصـيـة المصـرية.