
الدرك المظلم الثاني
نهر الموت يفيض بأنتن الأقذار الموبوءة ويقذف بها
إرغام الخطاة على خوضه والمكوث فيه
جوف النهر يضجّ بالزّناة وقطّاع الطرق والفسّاق
حملتني قوىً غير منظورة إلى الدرك الثاني
فإذا بنهر الموت يفيض بما فيه من أكره الأقذار
التي تخمد الأنفاس وتقصّر الأعمار
وكان الخطاة يسبحون فيه وهم مرغمون
وهم على ما أتوه في دنياهم نادمون
من كلّ أفّاك (28) وقاطع طريق . وزانٍ .....
هوّة سحيقة تنفرج تحت أقدام الهلكى
سقوطهم في جوفها على أسنّة الرماح وشفار السيوف
صيحات هائلة تقضّ المضاجع وتبعث الذعر في النفوس
وانشطرت الأرض إلى قسمين
فإذا بفجوة (29) سحيقة (30)
والأجساد تهوي بتلك الهوّة العميقة
فتستقبلها أسنّة الرماح وشفار السيوف
وتضيع الصيحات الهائلة على قرع الدفوف
فيصيحون : لقد تُبنا ويُقسمون على هذا قسمين
القروح النتنة تنتشر على الأجساد الممزّقة
الدود على اختلاف أنواعه يملأُ الأفواه
الصخور تهوي من السماء فتسحق الأجسام سحقاً
وإذا بالقروح النتنة تملأ أعضاءهم
والدود يملأ أفواههم وهو يدبّ دبيباً
كالبحر الصاخب ... وهو يتلاطم تلاطماً عجيباً
ثم تهوي عليهم من السّماء صخور صمّاء
فتسحقهم ثم تسفعهم (31) رياح رمضاء (32) هوجاء .
وتطاير وتنثر في الفضاء أشلاءهم
رفع أكف الضراعة لخالق البرايا كي يرحمهم
صلاة خشوعيّة من أجل تخفيف آلامهم
هتاف المعذبين لزائرهم العجيب وشكرهم لشعوره الرقيق من نحوهم
ربّاه اغفر لهم يا ذا العطف والحنان
فقد انفطر قلبي لشدّة عذابهم
ويا لله ... ما أرهب آلامهم
لقد منحتني نعمة زيارة العالمين
وسأعود يا ربّي لهداية العالمين
فهتف الخطاة المعذّبون ، شكراً لك يا داهش الزمان